کد مطلب:90547 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:141
خَلَقَ الْخَلْقَ مِنْ غَیْرِ رَوِیَّةٍ، إِذْ كَانَتِ الرَّوِیَّاتُ لا تَلیقُ إِلاَّ بِذَوِی الضَّمَائِرِ، وَ لَیْسَ بِذِی ضَمیرٍ فی نَفْسِهِ. خَرَقَ عِلْمُهُ سُبْحَانَهُ[1] بَاطِنَ غَیْبِ السُّتُرَاتِ، وَ أَحَاطَ بِغُمُوضِ عَقَائِدِ السَّریرَاتِ. یَعْلَمُ عَجیجَ الْوُحُوشِ فِی الْفَلَوَاتِ، وَ مَعَاصِیَ الْعِبَادِ فِی الْخَلَوَاتِ، وَ اخْتِلافَ النّینَانِ فِی الْبِحَارِ الْغَامِرَاتِ، وَ تَلاطُمَ الْمَاءِ بِالرِّیَاحِ الْعَاصِفَاتِ. وَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ نَجیبُ اللَّهِ، وَ سَفیرُ وَحْیِهِ، وَ رَسُولُ رَحْمَتِهِ، اخْتَارَهُ مِنْ شَجَرَةِ الأَنْبِیَاءِ، وَ مِشْكَاةِ الضِّیَاءِ، وَ ذُؤَابَةِ الْعَلْیَاءِ، وَ سُرَّةِ الْبَطْحَاءِ، [صفحه 488] وَ مَصَابیحِ الظُّلْمَةِ، وَ یَنَابیعِ الْحِكْمَةِ. طَبیبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ، قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ، وَ أَحْمی[2] مَوَاسِمَهُ، یَضَعُ مِنْ ذَلِكَ حَیْثُ الْحَاجَةُ إِلَیْهِ، مِنْ قُلُوبٍ عُمْیٍ، وَ آذَانٍ صُمٍّ، وَ أَلْسِنَةٍ بُكْمٍ. مُتَتَبِّعٌ بِدَوَائِهِ مَوَاضِعَ الْغَفْلَةِ، وَ مَوَاطِنَ الْحَیْرَةِ. أَمَّا بَعْدُ، فَإِنّی أُوصیكُمْ، عِبَادَ اللَّهِ، بِتَقْوَی اللَّهِ الَّذِی ابْتَدَأَ خَلْقَكُمْ، وَ إِلَیْهِ یَكُونُ مَعَادُكُمْ، وَ بِهِ نَجَاحُ طَلِبَتِكُمْ، وَ إِلَیْهِ مُنْتَهی رَغْبَتِكُمْ، وَ نَحْوَهُ قَصْدُ سَبیلِكُمْ، وَ إِلَیْهِ مَرَامی مَفْزَعِكُمْ، فَإِنَّ تَقْوَی اللَّهِ دَوَاءُ دَاءِ قُلُوبِكُمْ، وَ بَصَرُ عَمی أَفْئِدَتِكُمْ، وَ شِفَاءُ مَرَضِ أَجْسَادِكُمْ[3]، وَ صَلاحُ فَسَادِ صُدُورِكُمْ، وَ طُهُورُ دَنَسِ أَنْفُسِكُمْ، وَ جَلاءُ عَشَا[4] أَبْصَارِكُمْ، وَ أَمْنُ فَزَعِ جَأْشِكُمْ، وَ ضِیَاءُ سَوَادِ ظُلْمَتِكُمْ. فَاجْعَلُوا طَاعَةَ اللَّهِ شِعَاراً دُونَ دِثَارِكُمْ، وَ دَخیلاً دُونَ شِعَارِكُمْ، وَ لَطیفاً بَیْنَ أَضْلاعِكُمْ، وَ أَمیراً[5] فَوْقَ أُمُورِكُمْ، وَ مَنْهَلاً لِحینِ وُرُودِكُمْ[6]، وَ شَفیعاً لِدَرْكِ طَلِبَتِكُمْ، وَ جُنَّةً لِیَوْمِ فَزَعِكُمْ، وَ مَصَابیحَ لِبُطُونِ قُبُورِكُمْ، وَ سَكَناً لِطُولِ وَحْشَتِكُمْ، وَ نَفَساً لِكُرَبِ مَوَاطِنِكُمْ. فَإِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ حِرْزٌ مِنْ مَتَالِفَ مُكْتَنِفَةٍ، وَ مَخَارِفَ مُتَوَقَّعَةٍ، وَ أَوَارِ نیرَانٍ مُوقَدَةٍ. فَمَنْ أَخَذَ بِالتَّقْوی عَزَبَتْ عَنْهُ الشَّدَائِدُ بَعْدَ دُنُوِّهَا، وَ احْلَوْلَتْ لَهُ الأُمُورُ بَعْدَ مَرَارَتِهَا، وَ انْفَرَجَتْ عَنْهُ الأَمْوَاجُ بَعْدَ تَرَاكُمِهَا، وَ أَسْهَلَتْ لَهُ الصِّعَابُ بَعْدَ إِنْصَابِهَا[7]، وَ هَطَلَتْ عَلَیْهِ الْكَرَامَةُ بَعْدَ قُحُوطِهَا، وَ تَحَدَّبَتْ عَلَیْهِ الرَّحْمَةُ بَعْدَ نُفُورِهَا، وَ تَفَجَّرَتْ عَلَیْهِ النِّعَمُ بَعْدَ نُضُوبِهَا، وَ وَبَلَتْ عَلَیْهِ الْبَرَكَةُ بَعْدَ إِرْذَاذِهَا. فَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذی نَفَعَكُمْ بِمَوْعِظَتِهِ، وَ وَعَظَكُمْ بِرِسَالَتِهِ، وَ امْتَنَّ عَلَیْكُمْ بِنِعْمَتِهِ، فَعَبِّدُوا أَنْفُسَكُمْ لِعِبَادَتِهِ، وَ اخْرُجُوا إِلَیْهِ مِنْ حَقِّ طَاعَتِهِ. [صفحه 489] ثُمَّ إِنَّ هذَا الإِسْلامَ دینُ اللَّهِ الَّذِی اصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، وَ اصْطَنَعَهُ عَلی عَیْنِهِ، وَ أَصْفَاهُ خِیَرَةَ خَلْقِهِ، وَ أَقَامَ دَعَائِمَهُ عَلی مَحَبَّتِهِ، أَذَلَّ الأَدْیَانَ بِعِزَّهِ، وَ وَضَعَ الْمِلَلَ بِرَفْعِهِ، وَ أَهَانَ أَعْدَاءَهُ بِكَرَامَتِهِ، وَ خَذَلَ مُحَادّیهِ بِنَصْرِهِ، وَ هَدَمَ أَرْكَانَ الضَّلالَةِ بِرُكْنِهِ، وَ سَقی مَنْ عَطِشَ مِنْ حِیَاضِهِ، وَ أَتْأَقَ الْحِیَاضَ بِمَوَاتِحِهِ. ثُمَّ جَعَلَهُ لاَ انْفِصَامَ لِعُرْوَتِهِ، وَ لا فَكَّ لِحَلْقَتِهِ، وَ لاَ انْهِدَامَ لأَسَاسِهِ، وَ لا زَوَالَ لِدَعَائِمِهِ، وَ لاَ انْقِلاعَ لِشَجَرَتِهِ، وَ لاَ انْقِطَاعَ لِمُدَّتِهِ، وَ لا عَفَاءَ لِشَرَائِعِهِ، وَ لا جَذَّ[8] لِفُرُوعِهِ، وَ لا ضَنْكَ لِطُرُقِهِ، وَ لا وُعُوثَةَ لِسُهُولَتِهِ، وَ لا سَوَادَ لِوَضْحِهِ، وَ لا عِوَجَ لانْتِصَابِهِ، وَ لا عَصَلَ فی عُودِهِ، وَ لا وَعَثَ لِفَجِّهِ، وَ لاَ انْطِفَاءَ لِمَصَابیحِهِ[9]، وَ لا مَرَارَةَ لِحَلاوَتِهِ. فَهُوَ دَعَائِمُ أَسَاخَ فِی الْحَقِّ أَسْنَاخَهَا، وَ ثَبَّتَ لَهَا آسَاسَهَا[10]، وَ یَنَابیعُ غَزُرَتْ عُیُونُهَا، وَ مَصَابیحُ شَبَّتْ[11] نیرَانُهَا، وَ مَنَارٌ اقْتَدی بِهَا سُفَّارُهَا، وَ أَعْلامٌ قُصِدَ بِهَا فِجَاجُهَا، وَ مَنَاهِلُ رُوِیَ بِهَا وُرَّادُهَا. جَعَلَ اللَّهُ فیهِ مُنْتَهی رِضْوَانِهِ، وَ ذِرْوَةَ دَعَائِمِهِ، وَ سَنَامَ طَاعَتِهِ، فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ وَثیقُ الأَرْكَانِ، رَفیعُ الْبُنْیَانِ، مُنیرُ الْبُرْهَانِ، مُضی ءُ النّیرَانِ، عَزیزُ السُّلْطَانِ، مُشْرِفُ[12] الْمَنَارِ، مُعْوِذُ[13] الْمَثَارِ[14]. فَشَرِّفُوهُ وَ اتَّبِعُوهُ، وَ أَدُّوا إِلَیْهِ حَقَّهُ، وَ ضَعُوهُ فی مَوَاضِعِهِ. ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِالْحَقِّ حینَ دَنَا مِنَ الدُّنْیَا الاِنْقِطَاعُ، وَ أَقْبَلَ مِنَ الآخِرَةِ الاِطِّلاعُ، وَ أَظْلَمَتْ بَهْجَتُهَا بَعْدَ إِشْرَاقٍ، وَ قَامَتْ بِأَهْلِهَا عَلی سَاقٍ، وَ خَشُنَ مِنْهَا مِهَادٌ، وَ أَزِفَ مِنْهَا قِیَادٌ، فِی انْقِطَاعٍ مِنْ مُدَّتِهَا، وَ اقْتِرَابٍ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَ تَصَرُّمٍ مِنْ أَهْلِهَا، وَ انْفِصَامٍ مِنْ حَلْقَتِهَا، وَ انْتِشَارٍ مِنْ سَبَبِهَا، وَ عَفَاءٍ مِنْ أَعْلامِهَا، وَ تَكَشُّفٍ مِنْ عَوْرَاتِهَا، [صفحه 490] وَ قِصَرٍ مِنْ طُولِهَا. جَعَلَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی بَلاغاً لِرِسَالَتِهِ، وَ كَرَامَةً لأُمَّتِهِ، وَ رَبیعاً لأَهْلِ زَمَانِهِ، وَ رِفْعَةً لأَعْوَانِهِ، وَ شَرَفاً لأَنْصَارِهِ. ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَیْهِ الْكِتَابَ نَوراً لا تُطْفَأُ مَصَابیحُهُ، وَ سِرَاجاً لا یَخْبُو تَوَقُّدُهُ، وَ بَحْراً لا یُدْرَكُ قَعْرُهُ، وَ مِنْهَاجاً لا یُضِلُّ نَهْجُهُ، وَ شُعَاعاً لا یُظْلِمُ ضَوْؤُهُ، وَ فُرْقَاناً لا یَخْمُدُ بُرْهَانُهُ، وَ بُنْیَاناً لا تُهْدَمُ[15] أَرْكَانُهُ، وَ شِفَاءً لا تُخْشی أَسْقَامُهُ، وَ عِزّاً لا تُهْزَمُ أَنْصَارُهُ، وَ حَقّاً لا تُخْذَلُ أَعْوَانُهُ. فَهُوَ مَعْدِنُ الإیمَانِ وَ بُحْبُوحَتُهُ، وَ یَنَابیعُ الْعِلْمِ وَ بُحُورُهُ، وَ رِیَاضُ الْعَدْلِ وَ غُدْرَانُهُ، وَ أَثَافِیُّ الإِسْلامِ وَ بُنْیَانُهُ، وَ أَوْدِیَةُ الْحَقِّ وَ غیطَانُهُ، وَ بَحْرٌ لا یَنْزِفُهُ الْمُسْتَنْزِفُونَ، وَ عُیُونٌ لا یُنْضِبُهَا الْمَاتِحُونَ، وَ مَنَاهِلُ لا یُغیضُهَا الْوَارِدُونَ، وَ مَنَازِلُ لا یَضِلُّ نَهْجَهَا الْمُسَافِرُونَ، وَ أَعْلامٌ لا یَعْمی عَنْهَا السَّائِرُونَ، وَ إِكَامٌ[16] لا یَجُوزُ عَنْهَا[17] الْقَاصِدُونَ. جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالی رِیّاً لِعَطَشِ الْعُلَمَاءِ، وَ رَبیعاً لِقُلُوبِ الْفُقَهَاءِ، وَ مَحَاجَّ[18] لِطُرُقِ الصُّلَحَاءِ، وَ دَوَاءً لَیْسَ بَعْدَهُ دَاءٌ[19]، وَ نُوراً لَیْسَ مَعَهُ ظُلْمَةٌ، وَ حَبْلاً وَثیقاً عُرْوَتُهُ، وَ مَعْقِلاً مَنیعاً ذِرْوَتُهُ، وَ عِزّاً لِمَنْ تَوَلاَّهُ، وَ سِلْماً لِمَنْ دَخَلَهُ، وَ هُدیً لِمَنِ ائْتَمَّ بِهِ، وَ عُذْراً لِمَنِ انْتَحَلَهُ، وَ بُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ، وَ شَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ بِهِ، وَ فَلَجاً لِمَنْ حَاجَّ بِهِ، وَ حَامِلاً لِمَنْ حَمَلَهُ، وَ مَطِیَّةً لِمَنْ أَعْمَلَهُ، وَ آیَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ، وَ جُنَّةً لِمَنِ اسْتَلأَمَ، وَ عِلْماً لِمَنْ وَعی، وَ حَدیثاً لِمَنْ رَوی، وَ حُكْماً لِمَنْ قَضی. یَا أَیُّهَا النَّاسُ، اسْتَعِدُّوا لِلْمَسیرِ إِلی عَدُوٍّ فی جِهَادِهِ الْقُرْبَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ دَرَكُ الْوَسیلَةِ عِنْدَهُ[20]. إِسْتَعِدُّوا لِلْمَسیرِ إِلی قَوْمٍ حَیَاری عَنِ[21] الْحَقِّ لا یُبْصِرُونَهُ، وَ مُوزَعینَ بِالْكُفْرِ [صفحه 491] وَ الْ[22] جَوْرِ[23] لا یَعْدِلُونَ بِهِ، جُفَاةٍ عَنِ الْكِتَابِ، نُكَّبٍ عَنِ الطَّریقِ[24]، یَعْمَهُونَ فِی الطُّغْیَانِ، وَ یَعْكِسُونَ[25] فی غَمْرَةِ الضَّلالِ، وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِبَاطِ الْخَیْلِ[26]، وَ تَوَكَّلُوا عَلَی اللَّهِ، وَ كَفی بِاللَّهِ وَكیلاً وَ كَفی بِاللَّهِ نَصیراً[27]. [ ثم رفع علیه السلام یدیه بالدعاء فقال: ] اَللَّهُمَّ أَیُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِكَ سَمِعَ مَقَالَتَنَا الْعَادِلَةَ غَیْرَ الْجَائِرَةِ، وَ الْمُصْلِحَةَ فِی الدّینِ وَ الدُّنْیَا غَیْرَ الْمُفْسِدَةِ، فَأَبی بَعْدَ سَمْعِهِ لَهَا إِلاَّ النُّكُوصَ عَنْ نُصْرَتِكَ، وَ الاِبْطَاءَ عَنْ إِعْزَازِ دینِكَ، فَإِنَّا نَسْتَشْهِدُكَ عَلَیْهِ یَا أَكْبَرَ الشَّاهِدینَ شَهَادَةً، وَ نَسْتَشْهِدُ عَلَیْهِ جَمیعَ مَا[28] أَسْكَنْتَهُ أَرْضَكَ وَ سموَاتِكَ. ثُمَّ أَنْتَ بَعْدَهُ الْمُغْنی عَنْ نَصْرِهِ، وَ الآخِذُ لَهُ بِذَنْبِهِ. ثم تركهم علیه السلام أیاماً حتی أیس من أن یعملوا شیئاً، فخطب فیهم فقال:...
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ الْمُتَجَلّی لِخَلْقِهِ بِخَلْقِهِ، وَ الظَّاهِرِ لِقُلُوبِهِمْ بِحُجَّتِهِ.
صفحه 488، 489، 490، 491.
و شرح نهج البلاغة لابن میثم ج 2 ص 78. و الكامل ج 3 ص 224. باختلاف بین المصادر.